الجمعة، 13 فبراير 2009

ثم ما ذا بعد تآكل مفهوم السيادة الوطنية؟


مضمون السيادة
مفهوم السيادة ينطوي على مضمون عميق يعبر عن وضع قانوني وسياسي في ذات الوقت فهو يتضمن الحاكمية, كذا وأصبح شائعاً لتبيان مدى الاستقلالية بشكل عام فالدولة على سبيل المثال التى تحت الاحتلال تعد منقوصة السيادة باعتبار محدودية ممارسة كافة سلطات الدولة الداخلية والخارجية. ولذلك فإن التعاريف الحديثة تتجه لتعرف السيادة على أنها "مجموعة الحقوق المفوضة والتي تنبثق من مصدر عال". إن السيادة هي الإمكانية القانونية التي تمارسها الدولة علي نطاقها الإقليمي وكذلك هي الوعاء الذي يحتوي سلطات وحقوق السيادة وأهلية ممارستها.
ومن المعروف أن الدولة تقوم على ثلاثة عناصر هي: الشعب، والإقليم، والسلطة السياسية، وتكتمل هذه العناصر بتوافر سمتي التمتع بالشخصية القانونية الاعتبارية والسلطة السياسية ذات السيادة. وعلى ضوء ذلك يمكن القول إن السيادة هي السلطة العليا والمطلقة في حدود الدولة.

تحديات ما بعد الحرب الباردة
اليوم نحن أمام تحديات حقيقية بدأت تبرز تدريجياً وبوتيرة متسارعة مع نهاية الحرب الباردة وانفراد القطب الأمريكي كقوة أحادية مهيمنة، تسعى هي والدول الكبرى الأخرى لفرض أراداتها وتنميط عمل مؤسسات التنظيم الدولية واستخدامها لتحقيق توجهاتها ومراميها السياسية والاقتصادية والعسكرية وتحقيق جملة من الأهداف الإستراتيجية على المدى القريب والمتوسط والبعيد.
أصبحت السيادة الوطنية من حيث المفهوم ومن حيث التطبيقات العملية رهينة بهذه المتغيرات التى شكلت منعطفاً مهماً في تاريخ التفاعلات الداخلية والخارجية للدول. ويمكن القول إن هذه المتغيرات قد طالت مجموعة دول العالم الثالث بشكل بائن، فدول هذه المجموعة وفي خضم هذه المتغيرات, فشلت في أن تكون فاعلة كغيرها من الدول الأخرى لا لأنها أدمنت النزاعات والدخول في نفق الأزمات.
إن النزاعات والأزمات التى يشهدها العالم الثالث ما هي إلا أعراض للاختلالات في بنيوية النظام العالمي السائد, وليست نتيجة حتمية للتخطيط والسياسات التى تتبعها هذه الدول في الكثير من الأحيان.
أقرت منظمة الأمم المتحدة فكرة الحق في السيادة التى تقوم على ضرورة احترام سيادة الدول الأخرى، كما جاء في الفقرة 1 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على: "الهيئة تقوم على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها"، حق الدولة في السيادة على إقليمها الجغرافي ينطوي على وجوب احترام استقلالية الدولة أو الدول الأخرى، كما أن احترام السيادة ينطوي أيضاً على ضرورة التسليم الكامل بحق الدولة في أن تمارس سلطانها بكل حرية في جميع الميادين وفق ما يتيحه لها القانون الدولي، ومبدأ المساواة في السيادة هو الذي يضع الأساس لعدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو فرض تعهدات أو التزامات عليها ليست هي طرف فيها تحقيقاً لمبدأ (العقد شريعة المتعاقدين).

تسييس التشريعات الدولية
إن المتتبع للسياسة الدولية يجد أن القوى الكبرى صارت تعطي لنفسها الحق بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحت واجهات وذرائع: حماية حقوق الإنسان وحفظ السلم والأمن الدوليين ومساعدة ضحايا الحروب والكوارث وحماية حرية الأديان وغير ذلك من الواجهات البراقة, هذا إلى جانب بروز عدد من المعاهدات والآليات الدولية التى تمضي أيضاً باتجاه انتقاص السيادة وتقويض سلطان الدول الأقل قوة لوضع اليد على ما تمتلكه من موارد وقدرات وإمكانيات هائلة غير مستغلة, ومن ذلك منظمة التجارة العالمية ومحكمة الجنايات الدولية وغيرها, وهي جميعاً صارت مسيسة بدرجة كبيرة لتصبح غطاءاً يتيح للقوى الكبرى ممارسة الضغوط واستغلال حالة عدم الاستقرار والتى هي في الأصل هدف مقصود ونتيجة للضغوط والابتزاز السياسي الذي تنتهجه هذه الدول.

محكمة الجنايات الدولية:
تأسست المحكمة في العام 2002 كأول محكمة مختصة بمحاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. تعمل هذه المحكمة على إتمام الأجهزة القضائية الوطنية القائمة، فهي لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تشرع المحاكم الوطنية في النظر أو أنها كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء في تلك القضايا، فهي بذلك ذات صفة تكميلية.
إن المسؤولية الأولية للولاية القضائية ملقاة على عاتق الدول نفسها، ويقتصر اختصاص المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو 2002 عندما دخل قانون روما المنشئ للمحكمة حيز التنفيذ. وبما أن تحديد مدى جدية القضاء الوطني أو قدرته على تحمل أعباء النظر في مثل هذه القضايا يخضع للتقديرات, من الممكن أن يفسر بطرق مختلفة, منها ما يتيح للمحكمة التدخل وفي ذلك انتقاص لسيادة الدولة.

الادعاء ضد البشير
طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولي لويس مورينو اوكامبو في 14 يوليو من قضاة المحكمة توجيه الاتهام للرئيس عمر البشير بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة ارتكبت في دارفور. وجاء هذا الاتهام بعد الإعلان في منتصف يونيو أن المحكمة الجنائية الدولية وضعت خطة لخطف طائرة أحمد هارون وزير الدولة بوزارة الشؤون الإنسانية.
يرى الكثير من المراقبين أن تفرغ المحكمة بالكامل لعموم أفريقيا والسودان على وجه الخصوص ليس بعيداً عن المخطط الأمريكي الغربي والإسرائيلي الذى يرمي إلى توظيف المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق جملة من المصالح الإستراتيجية.
السعي لإقامة أسس العدالة في ذاتها يعتبر من الغايات التى لا يمكن الوقوف ضدها, إلا أن الانتقائية وازدواجية المعايير لا يمكن القبول بها.
هذا وهناك عدد من الشواهد الدالة على أن ادعاءات مدعي المحكمة لويس مورينو اوكامبو أبعد ما تكون عن قيامها على مرتكزات قانونية صرفة. من ذلك أن ما يدور في دارفور نزاع ولابد لأي نزاع أن تكون قد شاركت فيه عدة أطراف, فلماذا لم تكن المحكمة متوازنة على أقل تقدير بأن تشمل لائحة الاتهام أطراف أخرى غير منسوبي الحكومة والتى تم توجيه الاتهام إلى قمتها دون النظر إلى مسؤولياتها وواجباتها تجاه مواطنيها فيما يتعلق بتوفير مقومات الحياة وبسط الأمن, بل وتتغافل المحكمة عن تحديد الطرف المسؤول عما يجري.
إن القوى الفاعلة في السياسة الدولية ومؤسسات المجتمع الدولي كان يصدر عنها تصرفات أقل ما توصف به أنها وجهت رسائل خاطئة أدت إلى زيادة تصلب الحركات المتمردة في مواقفها وتعنتها خلال جولات المفاوضات المتكررة مع الحكومة وهو ما أغراها برفع سقوف مطالبها إلى أن صار الاتفاق غير ممكناً.
ومن الشواهد الدالة على المضمون السياسي لتحركات وأعمال محكمة الجنايات الدولية أن اتهام الرئيس البشير بارتكاب جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية يأتي في إطار انتقائية دولية صارخة، فالمحكمة تعمل لخدمة أجندة محددة المسار تختار ما ما تشاء وتغض الطرف عن جرائم أخرى لحسابات خاصة, كما هو الأمر بالنسبة للحالة الفلسطينية والحالة العراقية والحالة الأفغانية.
ومن الشواهد الدالة على سعي المحكمة الجنائية ومن خلفها القوى الكبرى إلى انتقاص سيادة البلاد, سعيها إلى إلزام السودان بولايتها مع أنه لم ينضم إلى عضويتها وكما هو معروف أن الطواعية عنصر مهم ومعمول به فيما يتعلق بالانضمام إلى التنظيمات الدولية. إن اتجاه المحكمة للتدخل في مقاضاة مواطني دولة غير عضو ينافي مبدأ الطواعية.
ومن الشواهد الأخرى الدالة على مفارقة المحكمة حتى للأسس القانونية المعمول بها, توجيه لائحة الاتهام للرئيس البشير وهو لا يزال يعتلي كرسي الحكم في بلاده. ومن المعروف أن مبدأ حصانة رئيس الدولة وكبار المسؤولين حصانة دولية مطلقة أكدتها محكمة العدل الدولية. فحينما طالبت بلجيكا بالقبض على وزير خارجية الكونجو أثنا شغله للمنصب بتهمة ارتكاب جرائم إبادة، ولما رفعت الكونجو الأمر للقضاء حكم بأنه لا يجوز مقاضاة المسؤولين. وعاد هذا الموضوع إلى ساحة الجدل حينما اعتزم الرئيس الإسرائيلي شارون زيارة بلجيكا فصدر ضده أمراً قضائياً بالقبض عليه في قضية كان قد رفعها في مواجهته أهالي ضحايا صبرا وشاتيلا، وتم تعديل المادة 12 من قانون الإجراءات الجنائية البلجيكي في ذلك الحين لينسجم مع حكم المحكمة السابق.
ومن الشواهد التى تؤكد الدوافع السياسية لما أقدمت عليه الجنائية الدولية أنها وباعترافها خططت لخطف طائرة أحمد هارون وهو في طريقه لأداء فريضة الحج وهذا الأمر يقدح في مصداقية المحكمة.
من المؤكد أن هناك اتجاهاً دولياً لتعديل مفهوم السيادة الوطنية وتقليصه خاصة في نطاق العلاقات الدولية تحت ذريعة أن هذا التقليص يهدف إلى حماية وتعزيز حقوق الأفراد في المقام الأول, إلا أن هذا الأمر تدحضه الوقائع ومجريات الأمور. وموقف محكمة الجنايات الدولية الحديثة النشأة من الأوضاع في السودان (ملف دارفور) يقف شاهداً على أنها مجرد أداة في يد القوى الكبرى يجري تطويعها لتحقيق مآربها وهو الأمر الذي يلقي بظلاله على مفهوم السيادة ويشرعن التدخل في المسائل الداخلية التى تعتبر من الاختصاصات الأصيلة للدولة.

الاثنين، 9 فبراير 2009

افتتاح الدورة 26 لمعرض الخرطوم الدولي





































افتتح مساء يوم الاحد الأول من فبراير معرض الخرطوم الدولى فى دورته السادسة والعشرين وذلك بمشاركة 18 دولة و354 شركة.








وتشارك في هذه الدورة لأول مرة كل من البرازيل واليونان بجانب الدول الأخرى من أفريقيا وآسيا وأوربا وعدد من الشركات والموسسات الوطنية والولايات. ويضم المعرض جناحاً لفلسطين عبارة عن منحة من إدارة المعرض للشعب الفلسطيني.
هذا ويضم المعرض ست صالات عرض خصص ثلاث منها للعرض الوطني واثنين للعالمي وصالة لعرض الولايات.








المعرض يشتمل على عدد من المناشط الترفيهية للجمهور وتثقيفية تعكس التراث القومي والفنون للمشاركين من ضيوف البلاد.